البئر الأولى

Al-bi´ar al-oula
"قد لا تكون هذه المرافعة الطويلة والمملة ضرورية، لولا أنّ لورانس شعلول أرادتني، كما أرادني الآخرون، أن أكون ذا رأي فيما كتبته، وقد قرأت هذا الذي كتبت فوجدته موضوعاً بكراً، جريئاً، صائباً، فيه جنف ناتج عن فقدان حرفيّة الكتابة، أو عدم صقل موهبة الكتابة، أو الإفتقار الى معلّميّة الكتابة، وهذه أمور تكتسب مع المثابرة، وتتحصّل من صقل الموهبة، ومن الخطأ اللجوء الى الإصلاح، أو النصح بالإصلاح، كيلا نستلب حق الكاتبة بالطريقة التي أنست بها، أو استساغتها، في كتابة ما عاشت، وسمعت، ووعت، من أمور قد تخدش الحياء، وفي الوقت نفسه تخدش الواقع، أو تحوله الى ديباجة أدبيّة مؤدبة، وكل أدب مؤدب هو، في المآل، لا أدب، أو أدب مزوّق، محسّن، مطرّى، أو مجلوب بتطرية "وفي البداوة حسن غير مجلوب" لأنّه مصاغ على شكل الخالق في خلقه، وعلى ما أراده الله الجميل الذي يحب الجمال في مخلوقاته. بعد هذه السفسطة التي ترونها إقحاماً وأراها إفهاماً، هو أن يكون الخير فيما إختاره الله، وأن أنزل عند رغبة كاتبة لا أعرفها سابقاً، وقد لا أعرفها لاحقاً، لأنّه سبحانه وتعالى قد تاب عليّ من إصلاح أيّة ديباجة لأيّة إمرأة، وتاب عليّ من كتابة المقدّمات جملة وتفصيلاً، فالقلم الذي حملته منذ ستّين عاماً لم يكن قلماً بل مبرداً، برّد أعصابي حتى اهترأت، وأبلى لبوسي حتّى تخرّقت، والمؤسف أنّني "تخرّقت والملبوس لم يتخرّق"! هل تحسب لورانس شعلول أنّ المكر، وهو كل عدّتها، يمكن أن يخفي كلمة الكيد، المكتوبة بشكل يرى ولا يرى، على جبين كلّ امرأة، وأنّه يمكن أن يمرق حتى من حلق الردى، في محاولة لإيهامي بأنّ ما قالته عن معرفتها بي تعود إلى أيّام الدراسة في كلّيّة الآداب؟". بعيداً عن القراءة المباشرة لسطور هذه الرواية نقرأ في سطورها ذاك البعد الذي يرحل إليه الروائي حنّا مينة في محاولة للكشف عن تلك الأمراض الاجتماعية عند البالغين التي ترمي بظلالها على براءة الأطفال فتخدش البراءة وتقتل الطفولة وتجعلها مرحلة تأسيسية خاطئة في عمر الانسان. يطرق الروائي أبواب علم النفس والفلسفة والمنطق كي تكون الفكرة الاساس والتي هي محور الرواية طاغية على كل ما سواها من أدوات تعبيرية يخطىء القارىء إذا أخذها مجردة. ربما يكون للبعض قراءة سطحية لمادة الرواية ولكن هذا البعض سيلغي إبداع حنّا الروائي ويهمشه بل ويجعله عرضة لبعض الانتقادات، إلا أن ما يمكن التأكيد عليه هو تلك الصنعة الروائية لحنّا مينة والتي تجعل الرواية أداة كشف وعلاج
"قد لا تكون هذه المرافعة الطويلة والمملة ضرورية، لولا أنّ لورانس شعلول أرادتني، كما أرادني الآخرون، أن أكون ذا رأي فيما كتبته، وقد قرأت هذا الذي كتبت فوجدته موضوعاً بكراً، جريئاً، صائباً، فيه جنف ناتج عن فقدان حرفيّة الكتابة، أو عدم صقل موهبة الكتابة، أو الإفتقار الى معلّميّة الكتابة، وهذه أمور تكتسب مع المثابرة، وتتحصّل من صقل الموهبة، ومن الخطأ اللجوء الى الإصلاح، أو النصح بالإصلاح، كيلا نستلب حق الكاتبة بالطريقة التي أنست بها، أو استساغتها، في كتابة ما عاشت، وسمعت، ووعت، من أمور قد تخدش الحياء، وفي الوقت نفسه تخدش الواقع، أو تحوله الى ديباجة أدبيّة مؤدبة، وكل أدب مؤدب هو، في المآل، لا أدب، أو أدب مزوّق، محسّن، مطرّى، أو مجلوب بتطرية "وفي البداوة حسن غير مجلوب" لأنّه مصاغ على شكل الخالق في خلقه، وعلى ما أراده الله الجميل الذي يحب الجمال في مخلوقاته. بعد هذه السفسطة التي ترونها إقحاماً وأراها إفهاماً، هو أن يكون الخير فيما إختاره الله، وأن أنزل عند رغبة كاتبة لا أعرفها سابقاً، وقد لا أعرفها لاحقاً، لأنّه سبحانه وتعالى قد تاب عليّ من إصلاح أيّة ديباجة لأيّة إمرأة، وتاب عليّ من كتابة المقدّمات جملة وتفصيلاً، فالقلم الذي حملته منذ ستّين عاماً لم يكن قلماً بل مبرداً، برّد أعصابي حتى اهترأت، وأبلى لبوسي حتّى تخرّقت، والمؤسف أنّني "تخرّقت والملبوس لم يتخرّق"! هل تحسب لورانس شعلول أنّ المكر، وهو كل عدّتها، يمكن أن يخفي كلمة الكيد، المكتوبة بشكل يرى ولا يرى، على جبين كلّ امرأة، وأنّه يمكن أن يمرق حتى من حلق الردى، في محاولة لإيهامي بأنّ ما قالته عن معرفتها بي تعود إلى أيّام الدراسة في كلّيّة الآداب؟". بعيداً عن القراءة المباشرة لسطور هذه الرواية نقرأ في سطورها ذاك البعد الذي يرحل إليه الروائي حنّا مينة في محاولة للكشف عن تلك الأمراض الاجتماعية عند البالغين التي ترمي بظلالها على براءة الأطفال فتخدش البراءة وتقتل الطفولة وتجعلها مرحلة تأسيسية خاطئة في عمر الانسان. يطرق الروائي أبواب علم النفس والفلسفة والمنطق كي تكون الفكرة الاساس والتي هي محور الرواية طاغية على كل ما سواها من أدوات تعبيرية يخطىء القارىء إذا أخذها مجردة. ربما يكون للبعض قراءة سطحية لمادة الرواية ولكن هذا البعض سيلغي إبداع حنّا الروائي ويهمشه بل ويجعله عرضة لبعض الانتقادات، إلا أن ما يمكن التأكيد عليه هو تلك الصنعة الروائية لحنّا مينة والتي تجعل الرواية أداة كشف وعلاج
المزيد من المعلومات
عدد الصفحات 95
الأبعاد 14 x 21 cm
الغلاف غلاف ورقي عادي
الناشر دار الآداب
الوزن 0.12
EAN13 9789953891088
كتابة مراجعتك
انت تقيم:البئر الأولى
Your Rating
البئر الأولى