التصوف الإسلامي

Altassawuf alislami
تبدو الطبعة الجديدة الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون لرواية الكاتب المغربي المعروف "محمد أنقار" بمثابة إعادة قراءة لهذا العمل تعيد صياغة الواقع وتنظيمه ليشكل بالنسبة للقارئ نسقاً فكرياً أو قراءة متعمقة له في عالمه المصغر الذي يحكمه نظامه الاجتماعي والأخلاقي الذي لا يتكرر في أي مكان أو زمان. في عودة إلى التاريخ يبدو العمل الروائي هنا موسوم بحدود الجغرافيا والتاريخ؛ وهذا يذكرنا بـ "قاهرة" نجيب محفوظ و"باريو مالقا" محمد أنقار. تتصدى رواية "باريو مالقا" إلى تفعيل هذا الطرح وتأكيد أبعاده الانعكاسية على مستوى التاريخ، وعلى مستوى الواقع، فمحكيات الرواية هنا تؤطر فضاء حقيقياً يعد من أحدث التجمعات السكانية الشعبية لحاضرة تطوان المغربية. وقد استمدت منه الرواية عنوانها (باريو مالقا) ومدلولها يتمحور حول لفظة "باريو" barrio وتعني الحي بالإسبانية، ولفظة "مالقا" Malaga المدينة الإسبانية المعروفة. والحصيلة تحيل على الظروف والملابسات التي أحاطت بنشأة هذه الحارة. وترتبط هذه الظروف في مجملها بتهجير المستعمر الإسباني في منتصف القرن الماضي لفئة من رعاياه من غجر غرناطة وضعفاء الإسبان، وتوطينهم في ضفاف "سيدي طلحة" و"سامسة" التي ستُعرف عندهم بحارة سان أنطونيو ثم باريو مالقا لاحقاً، وإلى جانب هؤلاء المهاجرون المحليون النازحون من أرياف الجوار، هروباً من فتنة المجاعة وبحثاً عن أنفاس الكرامة، حيث تختزل الرواية هذا المؤشر الاجتماعي في المتن الوارد تحت عنوان "الجوع" على لسان (فطوش الريفية) وهي تحاور الفتى (سلام) بطل الرواية: "الجوع الحقيقي هو الذي عصرنا في بوادي الريف.. أنت فطرت وتنتظر الآن الغداء، أما نحن فكان انتظارنا أزلياً...". كذلك تتصدر المتن الروائي بعض مشاهد الفتنة أبطالها فئة من المنحرفين التائهين الذين عاشوا في هذه الضفاف الموسومة بسمات البؤس والرعب ومظاهر البطش والفتك، وقد نعتهم الروائي بـ (الفتوات) وهو بهذا يبدو متأثراً بكثير من العلامات الإبداعية التي ترصد تقاطعات الواقع المغربي مع الواقع المصري. وهنا تجسّد هذه الرؤية الواقعية المشوبة باحتمالات الوجدان الرومانسي وأبعاد الحس المأساوي وما تعكسه من مظاهر البؤس والضياع والحرمان لواقع الأنا (المحلي) بقدر ما تحيل على الوجه الآخر للمفارقة متمثلاً في هيمنة الرعب التي يفرضها المستوطن الأجنبي على هذا الواقع تحت شعار الرخاء والأمن والطمأنينة. وهكذا تشتد الحبكة الروائية لدى أديبنا عبر خيوط المشهد العاطفي الموسوم بسمات الممانعة والرفض والتعالي التي توجه سلوك الآخر، في مقابل تضخم إحساس الأنا بالإحباط والتدني إلى درجة اليأس والضمور. وفي هذا، يلبس الروائي شخصية بطل روايته "سلام" المشحونة بسمات نمطية تقرب مظاهر الصراع والمواجهة بين الكينونة المنفتحة والماهية المنغلقة على خلفية الأعراف التي تأبى الامتداد وتستعصي على المغايرة، بحيث يجسد الروائي هنا جوهر الفئة الاجتماعية الصاعدة التي يراد لها أن تغطي حاجة التغيير في المرحلة الجديدة، وهي مرحلة الاستقلال والتحرر وبناء الذات. لقد أخذنا الروائي "محمد أنقار" في رحلة ممتعة عبر التاريخ مروراً بالحاضر؛ لنشهد معه ذلك الصراع الأبدي ما بين الخير والشر، وتدافع الأمل واليأس، وفورة الحب الرومانسي في أسمى وأرق صوره، والغريزة الإنسانية في أحط دركاتها الحيوانية.
تبدو الطبعة الجديدة الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون لرواية الكاتب المغربي المعروف "محمد أنقار" بمثابة إعادة قراءة لهذا العمل تعيد صياغة الواقع وتنظيمه ليشكل بالنسبة للقارئ نسقاً فكرياً أو قراءة متعمقة له في عالمه المصغر الذي يحكمه نظامه الاجتماعي والأخلاقي الذي لا يتكرر في أي مكان أو زمان. في عودة إلى التاريخ يبدو العمل الروائي هنا موسوم بحدود الجغرافيا والتاريخ؛ وهذا يذكرنا بـ "قاهرة" نجيب محفوظ و"باريو مالقا" محمد أنقار. تتصدى رواية "باريو مالقا" إلى تفعيل هذا الطرح وتأكيد أبعاده الانعكاسية على مستوى التاريخ، وعلى مستوى الواقع، فمحكيات الرواية هنا تؤطر فضاء حقيقياً يعد من أحدث التجمعات السكانية الشعبية لحاضرة تطوان المغربية. وقد استمدت منه الرواية عنوانها (باريو مالقا) ومدلولها يتمحور حول لفظة "باريو" barrio وتعني الحي بالإسبانية، ولفظة "مالقا" Malaga المدينة الإسبانية المعروفة. والحصيلة تحيل على الظروف والملابسات التي أحاطت بنشأة هذه الحارة. وترتبط هذه الظروف في مجملها بتهجير المستعمر الإسباني في منتصف القرن الماضي لفئة من رعاياه من غجر غرناطة وضعفاء الإسبان، وتوطينهم في ضفاف "سيدي طلحة" و"سامسة" التي ستُعرف عندهم بحارة سان أنطونيو ثم باريو مالقا لاحقاً، وإلى جانب هؤلاء المهاجرون المحليون النازحون من أرياف الجوار، هروباً من فتنة المجاعة وبحثاً عن أنفاس الكرامة، حيث تختزل الرواية هذا المؤشر الاجتماعي في المتن الوارد تحت عنوان "الجوع" على لسان (فطوش الريفية) وهي تحاور الفتى (سلام) بطل الرواية: "الجوع الحقيقي هو الذي عصرنا في بوادي الريف.. أنت فطرت وتنتظر الآن الغداء، أما نحن فكان انتظارنا أزلياً...". كذلك تتصدر المتن الروائي بعض مشاهد الفتنة أبطالها فئة من المنحرفين التائهين الذين عاشوا في هذه الضفاف الموسومة بسمات البؤس والرعب ومظاهر البطش والفتك، وقد نعتهم الروائي بـ (الفتوات) وهو بهذا يبدو متأثراً بكثير من العلامات الإبداعية التي ترصد تقاطعات الواقع المغربي مع الواقع المصري. وهنا تجسّد هذه الرؤية الواقعية المشوبة باحتمالات الوجدان الرومانسي وأبعاد الحس المأساوي وما تعكسه من مظاهر البؤس والضياع والحرمان لواقع الأنا (المحلي) بقدر ما تحيل على الوجه الآخر للمفارقة متمثلاً في هيمنة الرعب التي يفرضها المستوطن الأجنبي على هذا الواقع تحت شعار الرخاء والأمن والطمأنينة. وهكذا تشتد الحبكة الروائية لدى أديبنا عبر خيوط المشهد العاطفي الموسوم بسمات الممانعة والرفض والتعالي التي توجه سلوك الآخر، في مقابل تضخم إحساس الأنا بالإحباط والتدني إلى درجة اليأس والضمور. وفي هذا، يلبس الروائي شخصية بطل روايته "سلام" المشحونة بسمات نمطية تقرب مظاهر الصراع والمواجهة بين الكينونة المنفتحة والماهية المنغلقة على خلفية الأعراف التي تأبى الامتداد وتستعصي على المغايرة، بحيث يجسد الروائي هنا جوهر الفئة الاجتماعية الصاعدة التي يراد لها أن تغطي حاجة التغيير في المرحلة الجديدة، وهي مرحلة الاستقلال والتحرر وبناء الذات. لقد أخذنا الروائي "محمد أنقار" في رحلة ممتعة عبر التاريخ مروراً بالحاضر؛ لنشهد معه ذلك الصراع الأبدي ما بين الخير والشر، وتدافع الأمل واليأس، وفورة الحب الرومانسي في أسمى وأرق صوره، والغريزة الإنسانية في أحط دركاتها الحيوانية.
المزيد من المعلومات
عدد الصفحات 360
الأبعاد 14 x 21 cm
الغلاف غلاف ورقي عادي
المترجم عدنان عباس علي
الناشر منشورات الجمل
الوزن 0.46
EAN13 9783058563208
كتابة مراجعتك
انت تقيم:التصوف الإسلامي
Your Rating
التصوف الإسلامي